Pixel Design
شركة انكور التطويريةدليل انكور للمواقعمنتدى انكور التطويريةمركز انكور للرفعمنتديات دلون

قضاء الله كله خير

اذهب الى الأسفل

قضاء الله كله خير Empty قضاء الله كله خير

مُساهمة من طرف المدير العام الأحد مايو 22, 2011 6:47 am

قضاء الله كله خير



قال الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى


في كتابه ( شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ) ( 2/ 509 - 536) طبعة العبيكان بتحقيق عمر بن سليمان الحفيان :


الباب الحادي والعشرون


في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر ، ودخوله في المقضي



قال الله تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران : 36]

فصدَّر الآية سبحانه بتفرده بالملك كله ، وأنه هو سبحانه الذي يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء لا غيره .
فالأول : تفرده بالملك .
والثاني : تفرده بالتصرف فيه
، وأنه سبحانه هو الذي يعز من يشاء بما يشاء من أنواع العز ، ويذل من
يشاء بسلب ذلك العز عنه ، وأن الخير كله بيديه ، ليس لأحد معه منه شيء .


ثم ختمها بقوله : {إنك على كل شيء قدير}

فتناولت الآية : ملكه وحدهوتصرفهوعموم قدرته .

وتضمنت : أن هذه التصرفات كلها بيده ، وأنها كلها خير :

فسلبُه الملكَ عمن يشاء وإذلاله من يشاء خير ، وإن كان شرا بالنسبة إلى المسلوب الذليل ، فإن هذا التصرف دائر بين العدل والفضل ، والحكمة والمصلحة ، لا يخرج عن ذلك ، وهذا كله خير يحمد عليه الرب ويثنى عليه به ، كما يحمد ويثني عليه بتنزيهه عن الشر ، وأنه ليس إليه ، كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يثني على ربه بذلك في دعاء الاستفتاح في قوله :

" لبيك وسعديك ، والخير [كله] في يديك ، والشر ليس إليك ، أنا بك وإليك ، تباركت وتعاليت"

فتبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه ، بل كل ما نسب إليه فهو خير ، والشر إنما صار شرا لانقطاع نسبته وإضافته إليه ، فلو أضيف إليه لم يكن شرا كما سيأتي بيانه .

وهو سبحانه خالقالخير والشر ،فالشر في بعض مخلوقاتهلا في خلقه وفعله ، وخلقه وفعله وقضاؤه وقدره خير كله .

ولهذا تنزه سبحانه عن الظلمالذي حقيقته وضع الشيء في غير موضعه كما تقدم ، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها ، وذلك خير كله .

والشر وضع الشيء في غير محله ، فإذا وضع في محله لم يكن شرا ، فعلم أن الشر ليس إليه


وأسماؤه الحسنى تشهد بذلك ، فإن منها : القدوس السلام العزيز الجبار المتكبر .

فالقدوس : المنزه عن كل شر ونقص وعيب

كما قال أهل التفسير : هو الطاهر من كل عيب المنزه عما لا يليق به ، وهذا قول أهل اللغة .

وأصل الكلمة من الطهارة والنزاهة .

ومنه بيت المقدس لأنه مكان يتطهر فيه من الذنوب ، ومن أمَّهُ لا يريد إلا الصلاة فيه رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه .

ومنه سميت الجنة حظيرة القدسلطهارتها من آفات الدنيا .

ومنه سمي جبريلروح القدس لأنه طاهر من كل عيب .

ومنه قول الملائكة : {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }

فقيل المعنى : ونقدس أنفسنا لك ، فعدي باللام ، وهذا ليس بشيء .

والصواب أن المعنى : نقدسك وننزهك عما لا يليق بك ، هذا قول جمهور أهل التفسير .

وقال ابن جرير:
" {ونقدس لك }ننسبك إلى ما هو من صفاتك ، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك .
قال: وقال بعضهم : نعظمك ونمجدك ، قاله أبو صالح ، وقال مجاهد : نعظمك ونكبرك " . انتهى .

وقال بعضهم : ننزهك عن السوء ، فلا ننسبه إليك ، واللام فيه على حدها في قوله : {رَدِفَ لكم } لأن المعنى تنزيه الله لا تنزيه نفوسهم لأجله .

قلت : ولهذا قرن هذا اللفظ بقولهم : {نسبح بحمدك }فإن التسبيح تنزيه الله سبحانه عن كل سوء .

قال ميمون بن مهران : (سبحان الله ) كلمة يُعظم بها الرب ، ويحاشى بها من السوء .

وقال ابن عباس : هي تنزيه لله من كل سوء .

وأصل اللفظة من المباعدة ، من قولهم : سبحت في الأرض إذا تباعدت فيها . ومنه : { كل في فلك يسبحون } .

فمن أثنى على الله ، ونزهه عن السوء فقد سبحه .

ويقال : سبَّح اللهَ وسبَّح له ، وقدسه وقدس له .


وكذلك اسمه " السلام " : فإنه الذي سلم من العيوب والنقائص .

ووصفه بالسلام أبلغ في ذلك من وصفه بالسالم .

ومن موجبات وصفه بذلك : سلامة خلقه من ظلمه لهم .

فسلم سبحانه من إرادة الظلم والشر ، ومن التسمية به ومن فعله ومن نسبته إليه ، فهو السلام من صفات النقص وأفعال النقص وأسماء النقص ، المُسلِّم لخلقه من الظلم .

ولهذا وصف سبحانه ليلة القدر بأنها سلام ، والجنة بأنها دار السلام ، وتحية أهلهاالسلام ، وأثنى على أوليائه بالقول السلام ؛ كل ذلك : السالم من العيوب .


وكذلك " الكبير" من أسمائه و"المتكبر " :

قال قتادة وغيره : هو الذي تكبر عن السوء ، وقال أيضا : الذي تكبر عن السيئات .
وقال مقاتل : المتعظم عن كل سوء .
وقال أبو إسحاق : الذي تكبر عن ظلم عباده .



وكذلك اسمه " العزيز" : الذي له العزة التامة .
ومن تمام عزته براءته عن كل سوء وشر وعيب فإن ذلك ينافي العزة التامة .



وكذلك اسمه " العلي" : الذي علا عن كل عيب وسوء ونقص .
ومن كمال علوه أن لا يكون فوقه شيء بل يكون فوق كل شيء .


وكذلك اسمه " الحميد" : وهو الذي له الحمد كله .
فكمال حمده يوجب أن لا ينسب إليه شر ولا سوء ولا نقص ، لا في أسمائه ، ولا في أفعاله ، ولا في صفاته .

فأسماؤه الحسنى تمنع نسبة الشر والسوء والظلم إليه .

مع أنه سبحانه الخالق لكل شيء ، فهو الخالق للعباد وأفعالهم وحركاتهم وأقوالهم .

والعبد إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعلالشر والسوء .

والرب سبحانه هو الذي جعله فاعلا لذلك ، وهذا الجعل منه عدل وحكمة وصواب ، ( فجعْلُه فاعلا ) خير ، و(المفعول) شر قبيح ، فهو سبحانه بهذا الجعل قد وضع الشيء موضعه ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة التي يحمد عليها ، فهو خير وحكمة ومصلحة ، وإن كان وقوعه من العبدعيبا ونقصا وشرا .


وهذا أمر معقول في الشاهد :

فإن الصانع الخبير إذا أخذ الخشبة العوجاء ، والحجر المكسور ، واللبنة الناقصة ، فوضع ذلك في موضع يليق به ويناسبه ، كان ذلك منه عدلا وصوابا يمدح به .

وإن كان في المحل عوج ونقص وعيب يذم به المحل .

ومن وضع الخبائث في موضعها ومحلها اللائق بها كان ذلك حكمة وعدلا وصوابا . وإنما السفه والظلم أن يضعها في غير موضعها .

فمن وضع العمامة على الرأس ، والنعل في الرجل ، والكحل في العين ، والزبالة في الكناسة ، فقد وضع الشيء موضعه ، ولم يظلم النعل والزبالة إذ هذا محلهما .

ومن أسمائه سبحانه " العدل" و "الحكيم" الذي لا يضع الشيء إلا في موضعه .

فهو المحسن الجواد الحكيم الحَكَمُ العدل في كل ما خلقه ، وفي كل ما وضعه في محله وهيَّأه له .

وهو سبحانه له الخلق والأمر ، (فـكما) :

أنه في أمره لا يأمر إلا بأرجح الأمرين ، ويأمر بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وإذا تعارض أمران رجح أحسنهما وأصلحهما .
قضاء الله كله خير Q
وليس في الشريعة :
أمر يفعل إلا ووجودهللمأمورخير من عدمه
قضاء الله كله خير Q
ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده .



فإن قلت :
فإذا كان وجوده خيرا من عدمه ، فكيف لا يشاءوجوده ؟
فإذا كان عدمه خيرا ، من وجوده فكيف يشاءوجوده ؟
فالمشيئة العامة تنقض عليك هذه القاعدة الكلية ؟



قلت : لا تنقضها ، لأن وجوده وإن كان خيرا من عدمه ، فقد يستلزم وجوده فوات محبوب له ، هو أحب إليه من وقوع هذا المأمور من هذا المعنى .

وعدم المنهي وإن كان خيرا من وجوده فقد يكون وجوده وسيلة وسببا إلى ما هو أحب إليه من عدمه .

وسيأتي تمام تقرير ذلك في باب اجتماع القدر والشرع وافتراقهما إن شاء الله .



والرب سبحانه إذا أمر بشيء فقد أحبه ورضيه وأراده إرادة دينية ، وهو لا يحب شيئا إلا ووجوده خير من عدمه.

وما نهى عنه فقد أبغضه وكرهه ، وهو لا يبغض شيئا إلا وعدمه خير من وجوده .

هذا : بالنظر إلىذاتهذاوهذا .

وأما باعتبار : إفضائه إلى ما يحب ويكره فله حكم آخر ، ولهذا أمر سبحانه عباده أن يأخذوا بأحسن ما أنزل إليهم ، فالأحسن هو المأمور به وهو خير من المنهي عنه .



وإذا كانت هذه سنته في أمره وشرعه(فـهكذا)سنته في خلقهوقضائه وقدره :

فما أراد أن يخلقه أو يفعله : كان أن يخلقه ويفعله خيرا من أن لا يخلقه ولا يفعله .
وبالعكس .

وما كان عدمه خيرا من وجوده ، فوجوده شر ، وهو لا يفعله بل هو منزه عنه ، والشر ليس إليه .




من موقع اسلامى

المدير العام
صاحب الموقع


عدد المساهمات : 757
تاريخ التسجيل : 11/02/2011
العمر : 25

https://vuasv.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شركة انكور التطويريةدليل انكور للمواقعمنتدى انكور التطويريةمركز انكور للرفعمنتديات دلون